غرباء بدون وطن

 


غرباء بدون وطن 






في المقهى، أقرأ، صديقي يكتب، شخص يعمل على حاسوبه، موسيقى كلاسيكية تنبعث في أرجاء المقهى، هدوء… أجواء تساعد في الانغماس. دخل رجل المقهى، جلس في مكان وقال للنادل بصوت مرتفع: 

- واحد نص نص! 

ثم بدأ يتصفح فيديوهات صاخبة، هاتفه يرن، يتحدث مع المتصل بصراخ. توقفت عن القراءة، صديقي توقف عن الكتابة، الشخص الآخر ينظر إلى الرجل بغضب وأطلق زفيرًا ثم وضع سماعات على أذنيه. 

الرجل لم ينتبه لأي رد فعل منا، استمر في حديثه وأشيائه كأنه الوحيد في المقهى.

 صديقي وضع سماعات أيضًا، لا سماعات لدي، تركت الكتاب، بدأت أتأمل الرجل، يبدو في الثلاثينيات من عمره، أتساءل ما الذي يدور في عقله، هل يتصرف بعقلانية، أعني… هل يدرك بأنه يزعج الآخرين ويؤمن بمقولة "أنا وبعدي الطوفان" أو رأسه فارغ كطفل في الرابعة لم يدرك طبيعة الحياة بعد… صراخه للنادل قاطع تساؤلاتي: 

- الماء، الله يحفظك… 

رن هاتفه مرة أخرى، يرد بصراخ مرة أخرى. صديقي نفذ صبره وصاح: 

- عفاك! تقدر تنقص من تلفونك و تهدر بشوية! 

نظر إلى صديقي بنظرات تعجب واستغراب لثوان ثم أخذ أشياءه وغادر المكان صائحًا: 

- كليميني وزوامل عمرو علينا هاد البلاد…

لم يخطئ… غرباء بدون وطن، في مجتمع منقسم لطبقات فكرية… ثقافية، كل طبقة تنفر، تلعن وتشكو من الطبقة الأخرى. من المخطئ؟ النظام؟ التعليم؟ الأسرة؟ أو الخطأ من العدالة الإلهية التي خلقت نصف المجتمع بوعي ذاتي والنصف الآخر بعقول فارغة؟.

Comments

Popular Posts